تم تحديث المقالة مؤخراً بتاريخ: 13 مارس, 2019
عندما تصعب علي دراستي وأشعر أن جميع الأبواب قد اغلقت في وجهي كان يصل بي الأمر الى اقصى درجات اليأس، اتذكر نفسي خلال امتحان اللغة الالمانية!
تسعة امتحانات تقدمت لها في سنة واحدة، في اثنين احرزت نتيجة “غير ناجح” وستة اخريات احصل على الدرجة الاولى “DSH1”, وكان يَبعُدني عن الدرجة الثانية علامة أو علامتان.
عندها كانت المحاولة الأخيرة هي الحاسمة، تقدمت لها وانا بأقصى يأسي وكنت متيقنة أنها كسابقاتها، فأمسيت أخطط لعودتي لفلسطين من شدة يأسي ولا أريد أن أكمل ما بدأته، حيث اضطر والدي أن يدفع جميع تكاليف الامتحانات, فكل امتحان كان يكلف ما بين 60-200€ علاوة على ذلك تكاليف التنقل بين المدن والمبيت التي كانت تتراوح ما بين 50-150€. خلال شهر سبتمبر وحده سافرت إلى خمسة مدن كي أقدم امتحان اللغة ولم أكن أكمل أسبوع في كل مدينة لألحق بالامتحان التالي.
بكيت اشد البكاء لم اعرف ما سبب وراء فشلي, مع اني أجبت على جميع الاسئله المطروحة وكنت متاكدة من صحتها.
وصل بي الياس الى اشد حالة، سالت نفسي لماذا هذا يحصل معي, لماذا يا رب. لكني كنت متاكدة ان الله لن يتركني, فاخذت بكل الاسباب، وكانت ثقتي بالله كبيرة.
وقبل نتيجة الامتحان الاخير اتصلت امي بي محاولة دعمي, جينها كان الياس قد بدا يتسلل الى قلبي، ولكني ناجيت ربي ان كانت عودتي الي فلسطين هو ما تريد فقد رضيت الى حكمك وسلّمت. وبدات اتقبل تدريجياً فكرة عودتي بلا ماجستير. لم يكن هناك ما يريحني غير كلمات والدي بعد كل نتيجة امتحان، كنت اخجل منه كل الخجل لانه دفع كل هذه الرسوم وخيبت آماله، لساني يعجز عن الكلام معه, فليس لدي مبرر لما يحصل معي, ولكنه لم ينقطع عن تشجيعي بقوله: “الله بضيعناش وبينسناش والله بيعوض بالمصاري”.
دقت ساعة النتيحة للإمتحان الحاسم, أمسكت هاتفي وقلبت الصفحات بحثاً عن رقمي تائهاً بين كومة الأرقام. عندما قرات النتيجة بدات يداي ترجفان من الفرحة, نعم لقد نجحت! كنت حينها امشي بطريق العودة للمنزل, صرخت من فرحتي في وسط الشارع “الله اكبر! الله اكبر!” .. بعد انتهاء موجه الفرح العارمة التفت حولي وحمداً لله لم يكن هناك غيري, والّا لكان احدهم قد اعتقد اني سافجر نفسي حسب مفهوم الثقافة الاوروبية. عدت وامسكت هاتفي متلهفة للاتصال بأبي, يداي لم تكفان ترجفان حتى لم استطع ان اضغط على الهاتف! بعدما تمالكت نفسي واجريت اتصالي كان ابي حينها مشغولاً, لكنه عندما راى رقمي عرف ببصيرة الأب أنه اتصالٌ في همساته خبر مبشر. فعاود واتصل بي بسرعة، اجبت على الاتصال وقلتها وانا ابكي: أبي نجحت! نجحت! .. رد علي بصوت غاضب ولماذا تبكين! لقد اخفتني!, ولكنه ما لبث ان احس بسعادة كسعادتي وقال: “الحمد لله ما حكيتلك! ما حكيتلك الله بضيعناش!” واغلق الهاتف كي يسارع باخبار أمي التي كانت بلحظتها تصلي وتدعي متضرعة من أجلي, فقالت لي عندما حادثتها: “كنت اقرا سورة يوسف واقول يا رب ما عدنا نقدر يا رب املنا بك كبير نجحها يا رب” واستجاب ربي بلحظتها. في اليوم التالي كان علي تقديم الامحان الشفوي وبقي ابي على اعصابه لليوم التالي وانتظر مني الرد .. وحينما اخبرته بنجاحي قال “الحمد لله الحمد لله الحمد لله”.
لم تنتهي هنا قصتي, فكانت كل قبولاتي الجامعية قد انتهى موعدها الاخير لشهادة اللغة, لذلك لم اتمكن من التقديم علي اي جامعة منها. لم اعرف ما علي فعله. بمحاولة يائسة للجامعة التي كنت ارغب بالدراسة فيها, دخلت الى الموظف لتسليم اوراقي وداخلي يسيطر علي احساسي بانقطاع الأمل. قدمت باقي الاوراق وصدمت باكمال الموظف للإجراءات واخرج بعدها من درجه بطاقتي الجامعية واوراقي وحسابي الجامعي ولم يستوقفني من اجل شهادة اللغة. عندها راودتني الريبة ولكي اقطع الشك باليقين تحدثت الي البرفسور المشرف على دراستي, شرح لي النظام والمتطلبات ولم يسالني عن شهادة اللغة هو الآخر! .. اصابتني الصدمه وقتها، طلب والدي مني ان اذهب بنفسي وان اعطي الجهة المسؤولة شهادتي واطلب ورقة موقعة تثبت اني طالبة كي اقطع الشك باليقين وفعلا فعلت ولم تواجهني اي مشكلة! ودخلت الجامعة بعد بداية الدوام بـ 10 ايام ومتاخرة بشهادة اللغة شهر كامل!نعم .. هي قدرة الله, عندما يريد شيئاً يصير الشيء قبل الكاف والنون.
لكن قبل ان انهي كلامي في الخلاصة اقول في رأيي, ان الجامعات التي قمت بتقديم امتحان اللغة لديهم ولم يحالفني الحظ بالنجاح, كان السبب يعود الى اسلوب التصحيح لكل جامعة, فجهلي باسلوب تصليحهم ادى الى فشلي في هذه الامتحانات. وهذا مجرد رأي حسب تجربتي.