تم تحديث المقالة مؤخراً بتاريخ: 17 يونيو, 2018
مِنْ مُذَكَّراتْ مُغْتَرِبْ..،،
حِينَ هَجْرْتُ تِلْكَ السَّماَء وَأَغلَبُ الظَّنِ أَنَّها هِيَ مَنْ هَجَرَتْنِي
ظَنَنْتُ بِأَنِّي سَأَسْلُكُ بِتِلْكَ الوُرَيْقاتِ التَي أُرْهِقْتُ حَتّى حَصَلْتُ عَلَيْها عَلى بِساطِ عَلاءِ الدِّينِ إِلى تِلْكَ السَّماءْ
إِلى حَيآةِ التَّرفْ
إِلَى التَّحَضُرِ وَالتَّقَدُمِ وَالصِّناعةِ وَمالٍ وَعِلْمٍ وَرَفاهِيَّة
وَإلَى مَا قالُوهُ مِنْ حُريَّة وَراحَةُ البالْ ….،إلخ
حِينَ وَدَّعْتُ الأَهْلَ وَالأَحبابْ أَوْهَمَنِي المّارّونَ بِتِلْكَ البِلادْ بِأَنّي الآنَ حُرَّاََ طَليقَاََ ،وَأَنَّ قَيْدِي قَدْ فُكَّ مِنْ ثِقَلٍ إِجْتِماعِيٍ يُرْهِقُ شَبابَنَا بِحَسْبِ مَا قَالُوا وَبَغَيْرِ مَا أَنَا قُلْتْ .
لَا شَيْءَ يُسْمَعُ فِي تِلْكَ الَّلَحَظاتْ سِوَى دُموعٍ وَكَلِماتٍ لَا يَحِقُّ لِقَوامِيسِ البَشَرِ وَلَا مَعاجِمِهِمْ أَنْ تَأَخْذَ شَيْئَاََ مِنْ حُروفِها وَالَّتِي تَعْجَزُ أَصْلَاََ أَنْ تُعْرِبَها،
لَمَّا رَجُلَاَََ يَبْكِي
وَشَبابَاََ تَمِيلُ عَلَى كَتِفَيْ تَسْرِدُ لِي كُلَّ طُفولَتِنَا وَشَريطَ ذِكْرَياتِنَا بِلُغَةِ الدُّموعْ
دَمْعَةُ أُمِّي الَّتِي ذَهَبَتْ بِقَلْبِي بِعَجْزٍ لَا يَعْلَمَهُ إِلّا الله تَكْفِي لِأَنْ تَهوِي بِكُلِّ مَا سَرَدوه مِنْ مُغْرَياتٍ وَاهِيَة إلَى نَارٍ تَصْلِيَنَا بَدَلَاََ مِنْ تِلْكَ الجَنَّةَ المَزْعومَة.
فِي المَطارْ وَأَنَا أَجُرُّ أَمْتِعَتِي الثَّقيلَة وَالَّتِي مَا أَثْقَلَتْها إِلَّا الدُموعْ ،يُثْقِلُ كاهِلَيَّ مَا هُوَ أَثْقَلُ مِنْ أَمْتِعَتِي تِلْكْ،أُمْنِياتٌ هُمْ رَسَموهَا لِي قَبْلَ أَنْ أَرَسُمَها لِ نَفْسِي ،وَالْمُسْتَقْبَلُ ذَا الثَّوْبِ الأَبْيَضَ الَّذِي هَفَتْ إِلَيْهِ قُلوبَهُمْ وَما زالَتْ أَكْثَرَ مِمَّا هَفَوْتُ أَنا لَهُ،
هُناكَ أَيْضَاََ حَياةٌ كَحَياةِ البَرْزَخْ، وَكَأَنَّ مُنْكَرٌ وَنَكيرٌ يَأْتِيانْ،
مَاذا لَوْ فَشِلْتْ !؟
وَماذا تَفْعَلْ؟
لِمَنْ تَتْرُكَ الصَّباحْ وَدَعْوَةَ الأُمِّ فـي الصَّباحْ ، لِمَنْ سَريرُكَ وصَديقُكَ وَزَيَتُونَكْ؟؟
أَخاكَ الصَّغيرُ وَبَسَمَتَهْ ،قُبْلَةَ أَباكْ، القَهْوَة وَخْبْزَنا العَرَبِيّ وَزَيْتَ الزَّيْتون!؟
وَكَلَّ ما لَمْ تَكُنْ تَراهُ أَوْ لَمْ تَشْعُرْ بِقيمَةٍ لَهْ ،لَنَ تَراهُ هُناكْ.
حِينَها وَهُناكْ ،وَكَأَنِّي العاصِي إِذا ما تابَ وَاسْتَفاقْ، وَلَكِنْ إلَى أَيْنْ….
فَبابُ التَّوْبَةِ قَدْ أُغْلِقْ !
الغُرْبَةُ يَا أَحِبَّتِي لَيْسَتْ كَما ظَنَنْتُمْ وَتَظُنّونْ،نُواسِي أَنْفُسَنا بِأَهِلينَا مِنْ وَراءِ الشاشاتْ، وَكَأنَّا أَحَدُنَا أَسيرَاً يَنْظُرَ إِلَى حُرِّيَّتَهُ مِنْ وَراءِ القُضْبانْ ، وَنُؤآزِرُ أَنْفُسَنا بِحَياةٍ أَفْضلَ رُبَّمَا تَأْتِ،وَكَأَنَّ فَقْدَنَا هَٰذا قَليلْ.
أَمَّا عَنِّي وَبَقائِي هُنَا ، وَما يَرْبـطُ عَلَى قَلْبِي،فَهُوُ أَنِّي احْتَسَبْتُ أَمْرِي هَٰذا جِهادَاً فِي سَبيلِ رَبِّي وَوَطَنِي ،وَإِلَّا هَٰذا السَّبَبْ مَا بَقِيْتُ هُنَا لَحْظَةً واحِدَة .
أَمَّا أَنْتِ يَا أُمِّي يَا أَجْمَلَ أيّامِي فَاغَفِرِي لِي قَطْعَ وِصالِي ،وَاسْتَغَفِرُ اللهَ رَبِّي لِدُموعَكِ وَفَراغُ قَلْبَكِ،وَأَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَرْبِطَ عَلَى قَلْبَكِ كَما رَبَطَ عَلَى قَلْبِ أُمَّ موسى،
وَيا أَبِي فَأَنَا كَما رَبَّيْتَني وَكَما عاهدْتُكْ،
وَيا وَطَنِي لَا أَقولُ لَكَ أَنْتَ فِي الْقَلْبِ باقٍ، فَأَنْتَ القَلْبُ جَلَّهُ والله
وَيَا قَرْيَتِي وَأُخْوَتِي وَصَحْبِي وَأَحِبَّتِي فَإِنِّي قَدْ اشْتَقْتُكُمْ
حَتّى أَنِّي اشْتَقْتُكُمْ قَبْلَ الرَحيلْ ،،،
والسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الله ،